أغسطس 5, 2024

كلمة الأباتي إدمون رزق في ليلة عيد سيّدة التلّة

كلمة الأباتي إدمون رزق في ليلة عيد سيّدة التلّة
بمشاركة الكهنة الثلاثة الجدد في الرهبانية
دير القمر، ٣ آب 2024

أيّها الأخواتُ والإخوةُ الأحبّاء!
“الإم بتلم”، مثلٌ لبناني عريق يتغنّى بأجمل صفات الأمومة، الّتي تجمع بين أبنائها، وتقيم الولائم ليلتقوا، وتدعوهم واحدًا فواحدٍ ليزوروها، وتتذكّر المناسبات لتجعلهم يأتون إليها. وهذه حالُ سيّدة التلّة، الّتي تدعونا كلَّ سنةٍ لنزورها هنا، في مقامِها الكريم، لنلتقي ببعضِنا البعض، في عيدٍ ولا أجمل: عيدُها هي وعيدُ بيتِها، وعيدُ هذه البلدة الغالية: دير القمر التاريخيّة!
وكأنّ تاريخَ التآلفِ بدأ هنا، لأنَّ سيّدةَ التلّة، بجمعِ بنيها، جعلتهُ تاريخَ تواصُلٍ واحترامٍ ومودّة بين أبناء الديرِ وأبناءَ الرهبانيّةِ فنمونا بانتماءٍ واحدٍ: انتماءٍ وطنيّ وروحيّ، اجتماعيّ وثقافيّ، تحتت نظرِ الأمِّ الواحدة، واتحدنا كإخوةٍ وروابطُنا قويّةٌ، ومبادؤنا ثابة…

أيُّها الأحبّة!
مَن منكم يستطيع أن يؤكّد أنّه ليس بمريميّ؟
مَن منكم في عيد أمِّنا العذراء، لا يشعر بأنّ هذا عيدُه، هو وإخوتِه وأهلِ بيتِه؟
فأهميّة هذا العيدِ لا تكمن فقط بتحضير الاحتفالات ولا باللقاءات، فهو ذو بعدٍ أخويٍّ صلبٍ، يتحدّى كلَّ المسائلِ الّتي تعارضهُ، ليجعلَ من بيتِ السيّدة العذراء، ديرًا للرهبان ولأهلِ ديرِ القمر. وهذا دليلٌ ونموذجٌ صالحٌ على جمالِ العيشِ المشترك وعلى غِنى قلوبِنا جميعًا بالمحبّة وتواصلِ سعينا من أجلِ السلام. نعم، بيتُ سيّدة التلّة هو نموذجٌ مُصغّر عن “وطن الرسالة”، لبنان.

أيّها الأحبّةُ، يا أهلَ ديرِ القمرِ، يا مَن جعلتم من مريم العذرا، سيّدةً لقلوبكم وأميرةً في بيوتكم، ورفيقةً لكم في كلِّ حين، تعالوا نتأمّل بسرِّ عظمةِ العذراءِ المتواضعة الّتي أنشدت طوالَ حياتِها: “تُعظّمُ نفسي الربَّ وتبتهجُ روحي بالله مخلّصي”، وهذا إقرارٌ صادقٌ بأنّنا حين نعترفُ بعظمةِ الربِّ وعملِهِ في حياتِناـ سيتملكُنا الفرحُ، لأنّ صغرَنا وضعفَنا لن يكونا بحاجزَين أمامَ سعادتِنا.
هذا سرُّ المتواضعين، المؤمنين، الواعينَ إلى أنَّ اللهَ يعملُ الحق والخير والجمال في حياةِ كلِّ واحدٍ منّا. والاتكالُ عليه وعلى عنايتِهِ هو رجاءٌ محرِّرٌ من قيودِ الخوفِ والقلقِ أمام الغدِ المجهول.
هذا سرُ التضامُن بينَ البشر، بينَ أهلِ كلِّ دار وديار، أن أعترفَ أنّي لستُ الأقوى، لأنّ اللهَ القويَ الجبّار، هو الأقوى، ومعهُ لا يمكن أن أخافَ من أيّ شيء ولا من أيّ أحد!
هذا سرُ الأخوّةِ، أن نعي أنَّ في التواضعِ فرحٌ، وفي الإسراعِ إلى الخدمةِ والعملِ من أجلي ومن أجلِ أخي وجاري سعيٌ للسلام!
هكذا هي هذه التلّة: ديرٌ للمتواضعين، ديرٌ للتضامنِ وديرٌ للأخوّة! ديرٌ للقمر، الّذي يسهرُ بتواضعٍ على أهلِ هذه الدار ولا يميّزُ بين بيتٍ وآخر، ولا يخفي نورَه عن أيّ دار!

اليوم، أودُّ أن أذكرَ الآباء الّذين خدموا بحبٍّ كبير في هذا الأنطش، ونخص حضرة الاب جوزيف ابي عون ونصلّي من أجلِ راحةٍ نفوس الّذين غادروا هذه الحياة، ونشكر الّذين لا زالوا يخدموننا بفرحٍ كبير، ويتفانونَ من أجلِ المحبّةِ وزرعِ بذورِ الاحترامِ والمودّةِ والسلام!
وأودُّ أيضًا أن نصلّي من أجلِ رجاءٍ جديدٍ للبنان، بلد القدّيسين الّذي احتفلَ م نيومين، بإعلانِ طوباويٍ جديد، تفانى من أجلِ لبنان، هو الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي، نصلّي ونطلب شفاعتَهُ، من أجلِنا كلِّنا ومن أجلِ لبنان.
هلمّوا نُعظّمِ الربَّ! هلمّوا نشكُرُهُ على كلِّ ما صنعَ في أرضِنا ومن أجلِنا!
هلمّوا نضرعْ لسيّدةِ التلّة كي تبقى ساهرة على دير القمرِ وعلى الشوفِ والوطن.
هلمّوا نصلِّ من أجلِ وطنِ الرسالة، لينفتحَ أبناؤهُ في الحوارِ إلى التواضعِ والمحبّةِ والسلام.

صلاتي أن يعودَ علينا عيدُ سيّدةِ التلّة بالفرحِ في قلوبنا، والخيرِ في بيوتِنا، والرجاءِ في نفوسِنا، والسلامِ في منطقتِنا وفي شرقِنا…ونذكر بالاخص شهداء المرفاء مع الضحايا وكل من تضرر من هذا التفجير الاليم ونحن كلنا بانتظار العدالة.
في ظلّ حمايتِكِ نلتجئُ يا مريم، فلا تغفلي عن طالباتِنا: باركي عائلاتِنا، إشفي مرضانا وتحنّني على موتانا. كلُّ عيدٍ وأنتم بخير.

‫شاهد أيضًا‬

عيد دخول سيّدتنا مريم العذراء إلى الهيكل

الرسالة إلى العبرانيّين 2 : 14 – 18 3 : 1 – 6 يا إخوتي، بِمَا أَنَّ الأَب…