أكتوبر 5, 2025

مقال لمدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية في الذكرى السنوية الستين للخطاب الشهير للبابا بولس السادس أمام الأمم المتحدة

فاتيكان نيوز

تصادف هذا السبت الذكرى السنوية الستون للخطاب التاريخي الذي ألقاه البابا بولس السادس أمام الأمم المتحدة في الرابع من تشرين الأول أكتوبر من عام ١٩٦٥، مردداً العبارة الشهيرة “لا للحرب بعد اليوم”، وهو نداء لم يلق وللأسف آذاناً صاغية لغاية يومنا هذا. كما قال الحبر الأعظم الراحل إن الأسلحة، لاسيما تلك المتطورة، تولّد الكوابيس، وتغذي مشاعر الشر، وتقود إلى المواقف العدائية والقرارات السيئة وذلك قبل أن تُستخدم وقبل أن تُسبب الموت والدمار.

للمناسبة كتب مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالاً افتتاحياً سلط من خلاله الضوء على هذا الحدث التاريخي عندما خاطب البابا مونتيني مجموعة الأمم في القصر الزجاجي بنيويورك. وقد كان العالم قد خرج قبل عشرين سنة من مأساة الحرب العالمية الثانية، وكان ما يزال منقسما إلى كتلتين، وقد بدأ للتو حوار رافقه انفراج، مع المساعي الهادفة إلى احتواء الأسلحة النووية.

في تلك المناسبة شدد البابا بولس السادس على ضرورة وضع حد نهائي للمواجهة، ولهذا السبب بالذات أبصرت النور منظمة الأمم المتحدة، التي تناهض الحرب وتعمل من أجل السلام. وذكّر الحبر الأعظم الراحل بكلمات الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي الذي قال إن البشرية مدعوة إلى وضع حد للحرب وإلا وضعت الحرب حداً للبشرية.

هذا ثم اعتبر تورنييلي أن كلمات كينيدي ما تزال آنية اليوم، في وقت يعيش فيه العالم مرحلة مظلمة، لافتا إلى أن أزمة تعددية الأطراف والمؤسسات الدولية، شأن الأمم المتحدة، باتت واضحة أمام الجميع. ولفت إلى الحرب العالمية الثالثة المجزّأة التي تحدث عنها البابا فرنسيس منذ أكثر من عشر سنوات، مضيفا أن البشرية نسيت، على ما يبدو، ماضيها القريب، وتحيط بنا – في هذا الزمن الرقمي – معلومات وأنباء مزيفة، فضلا عن البروباغاندا التي تصب في مصلحة مصنعي الأسلحة وتجّار الموت.

تابع تورنييلي مقاله الافتتاحي متوقفاً عند الحرب بين الأخوة الدائرة في القارة الأوروبية المسيحية، والتي أشعل فتيلها العدوان الروسي على أوكرانيا، فضلا عن الحرب بين الأخوة في الأرض المقدسة، والتي أشعل فتيلها هجوم حماس الإرهابي وتشهد اليوم عنفاً غير مبرر من قبل القوات الإسرائيلية، ناهيك عن حروب وصراعات مسلحة أخرى تدور في مناطق مختلفة من العالم.

وأضاف المسؤول الفاتيكاني أن المأساة في غزة، واحتجاز وقتل الرهائن، والمجازر المرتكبة بحق السكان المدنيين، ومن بينهم عشرات آلاف الأطفال والنساء والمسنين، فضلا عن الحرب في أوكرانيا تمثل وصمة عار على جبين الإنسانية وهي بمثابة ثقب أسود في ضمير العالم. كما أن القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يتم اللجوء إليهما لتلبية مصالح الأقوياء.

بعدها اعتبر تورنييلي أنه في وقت يتحدث فيه الحكام عن الحرب، يُعدون العدة لها، وينفقون مبالغ طائلة على التسلّح، يتردد صدى النداء الذي أطلقه بولس السادس، لستين سنة خلت، والذي ما يزال آنيا جداً اليوم. وقال إن العبارات التي تفوه بها البابا مونتيني تتماشى مع مشاعر الشعوب، التي تشعر بالغضب إزاء المجازر اليومية، وتضع أملها في الدبلوماسية والتفاوض والقدرة على الحوار والبحث عن دروب جديدة للسلام، متمنية عدم الرضوخ لبروباغاندا الحرب.

في ختام مقاله الافتتاحي ذكّر مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنييلي بأن البابا بولس السادس وفي كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة تطرق إلى الهدف من إنشاء هذه المنظمة، مذكراً بدماء ملايين الأشخاص، والكم الهائل من المعاناة والآلام، والمجازر والدمار، وقال إن كل هذه السيناريوهات دفعت باتجاه معاهدة توحّدنا، وباتجاه القسم بالسعي إلى تغيير مستقبل العالم. وتفوه بعدها بعباراته الشهيرة: لا للحرب بعد اليوم، لا للحرب بعد اليوم! ينبغي أن يقود السلام مصائر الشعوب والبشرية بأسرها. واعتبر المسؤول الفاتيكاني أن البشرية مدعوة اليوم خصوصا لأن تتذكر هذا النداء.

‫شاهد أيضًا‬

البابا: حجاج الرجاء هو برنامج حياة، والرجاء هو المشاركة

فاتيكان نيوز في المقابلة العامة اليوبيلية البابا يذكِّر بأن “يسوع ينتظرنا ويُشركنا ف…