عظة البابا فرنسيس: التطويبات، الفن، والرجاء في عالمنا اليوم

احتفالاً بيوبيل الفنانين وعالم الثقافة، ترأس عميد دائرة الثقافة والتربية الكاردينال تولينتينو دي مندونسا قداساً احتفاليا في البازليك الفاتيكانية نيابة عن البابا فرنسيس. وقد شارك في الاحتفال الديني عدد كبير من الممثلين عن عالم الفن والثقافة قدموا من روما، إيطاليا، ومختلف بلدان العالم خصيصا لهذه المناسبة اليوبيلية. أثناء القداس قرأ نيافته على الحاضرين عظة البابا والتي توقف فيها عند أهمية الدور الواجب أن يلعبه الفنانون في عالم اليوم مشددا على ضرورة الالتزام في بناء الجسور وخلق فسحات للقاء والحوار.
في عظته الأخيرة، تناول البابا فرنسيس إنجيل اليوم الذي يتحدث عن التطويبات التي أعلنها الرب يسوع لتلاميذه وللحشود. هذه الكلمات، رغم تكرار سماعها، تظل قادرة على إدهاشنا لأنها تقلب منطق العالم رأسًا على عقب.
“طوبى لكم أيها الفقراء، لأن لكم ملكوت الله. طوبى لكم أيها الجياع الآن لأنكم سوف تشبعون. طوبى لكم أيها الباكون الآن، لأنكم سوف تضحكون.”
يشرح البابا أن هذه الكلمات تدعونا إلى تبنّي نظرة الله للأمور، لنتجاوز المظاهر ونرى الجمال في وسط الألم والمعاناة.
الفرق بين “طوبى لكم” و”ويل لكم” في رسالة المسيح
يتضمن الإنجيل أيضًا تحذيرات واضحة:
“ولكن ويل لكم أيها الأغنياء، لأنكم قد تلقيتم عزاءكم. ويل لكم أيها الشباعى الآن، لأنكم سوف تجوعون. ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم سوف تحزنون وتبكون.”
يشير البابا إلى أن هذا التناقض يدعونا إلى التمييز بين ما هو زائل وما هو أبدي. فالحياة ليست فقط حول الراحة المادية، بل تتعلق بالسعي وراء ملكوت الله والعدالة والرحمة.
الفن كرسالة إنسانية وروحية في خدمة الحقيقة
توجه البابا فرنسيس في عظته إلى الفنانين والمثقفين، مؤكدًا أن دورهم لا يقتصر على خلق الجمال، بل يمتد إلى الكشف عن الحقيقة والخير المخفي في طيات التاريخ. ودعاهم إلى إعطاء صوت لمن لا صوت لهم وتحويل الألم إلى رجاء، تمامًا كما فعل الفنانون عبر العصور.
كما أشار إلى أن العالم يواجه أزمة روحية عميقة، وهي أزمة معنى. وهنا يأتي دور الفنانين في مساعدة البشرية على عدم فقدان طريقها وأفق الرجاء.
أهمية الرجاء في زمن الأزمات
أوضح البابا أن الرجاء الحقيقي ليس مجرد فكرة أو شعور سطحي، بل هو متجذر في مآسي الحياة اليومية. الرجاء هو نار تحرق وتشع نورًا، مثل كلمة الله التي تدعونا دائمًا إلى البحث عن الحقيقة.
الفن الأصيل يعبر عن لقاء مع الغموض، مع الجمال الذي يتجاوز إدراكنا، مع الألم الذي يدفعنا للتأمل، ومع الحقيقة التي تدعونا إلى التحرك.
الفنانون ودورهم في نشر الجمال والإيمان
ذكر البابا كلمات الشاعر جيرارد مانلي هوبكنز، الذي قال:
“العالم مشحون بعظمة الله، وهي تبرق كلمعان الرقائق المهزوزة.”
وأشار إلى أن الفنانين مدعوون لاكتشاف هذه العظمة وإظهارها للبشرية. فهم ليسوا مجرد مبدعين، بل هم حراس الجمال، الذين ينحازون للفقراء والمتألمين ويضيئون درب الرجاء.
رسالة البابا الختامية إلى الفنانين والمثقفين
دعا البابا الفنانين إلى أن يكون فنهم إعلانًا لعالم جديد، وأن يواصلوا البحث والتساؤل والمجازفة، لأن الفن الحقيقي لا يوفر راحة مؤقتة، بل يمنح “سلام الأرق” الذي يدفع الإنسان نحو التغيير.
وأكد أن الجمال ليس يوتوبيا، والرجاء ليس وهمًا، بل هما دعوة ومسؤولية. وختم عظته بالقول إن موهبة الفنان ليست مجرد مصادفة، بل هي دعوة إلهية يجب التجاوب معها بسخاء وشغف ومحبة.
البابا يشكر جميع الأشخاص الذين يصلون من أجله ومن يعتنون به في المستشفى
موقع الفاتيكان نيوز في وقت ما يزال فيه البابا فرنسيس يتلقى العلاج في مستشفى جيميلي بروما ن…