يناير 31, 2022

البابا فرنسيس: علينا التّحلّي بالاستعداد والتّواضع لاستقبال يسوع الّذي يجده من يقبل طرقه

البابا فرنسيس علينا التّحلّي بالاستعداد والتّواضع لاستقبال يسوع الّذي يجده من يقبل طرقه

تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، والّذين توجّه إليهم قبل الصّلاة بكلمة روحيّة تمحورت حول إنجيل لوقا الّذي يضيء على عظة يسوع الأولى في النّاصرة حيث نشأ.

وفي هذا السّياق قال البابا بحسب “فاتيكان نيوز”: “إنّ النّتيجة كانت تتميّز بالمرارة، فبدلاً من أن يلقى يسوع القبول يجد عدم الفهم بل وحتّى الرّفض (راجع لوقا ٤، ٢١-٣٠). إنّ أبناء وطن يسوع أرادوا أكثر من كلمة الحقّ المعجزات وعلامات عجائبيّة، إلّا أنّ الرّبّ لا يفعل هذا فيرفضونه لأنّهم يعرفونه، فهو ابن يوسف. وهكذا ينطق يسوع بجملة أصبحت مثلاً: ما من نبيّ يُقبل في وطنه” (راجع لوقا ٤، ٢٤).

إنّ هذه الكلمات تكشف أنّ عدم نجاح يسوع لم يكن غير متوقّع بالكامل، فقد كان يعرف أبناء وطنه وكان يعلم بما يواجه من خطر، كان يضع احتمال الرّفض. وهكذا يمكن أن نتساءل لماذا، ومع توقّعه الفشل، يذهب رغم ذلك إلى وطنه؟ لماذا يفعل الخير لأشخاص ليسوا على استعداد لاستقباله. إنّ هذا سؤال غالبًا ما نطرحه نحن أيضًا، إلّا أنّه سؤال يساعدنا على فهمٍ أفضل لله. فهو لا يتراجع أمام انغلاقنا ولا يكبح محبّته. وهذا ما نرى انعكاسه في الوالدين الّذين يعون عدم امتنان الأبناء لكن هذا لا يجعلهم يتوقّفون عن محبّتهم وعمل الخير لهم. هكذا هو الله ولكن على مستوى أكثر سموًّا بكثير. إنّ الله يدعونا إلى الإيمان بالخير وألّا نترك شيئًا لا نجرّبه من أجل فعل الخير.

إنّ رفض أبناء وطنه له يسائلنا، فهم لم يقبلوه، ولكن ماذا عنّا نحن؟ إنّنا ولمعرفة ذلك علينا النّظر إلى نماذج الاستقبال الّتي يقترحها يسوع لأبناء وطنه ولنا. هناك غريبان تحدث عنهما يسوع في النّاصرة حسب إنجيل اليوم، أيّ أرملة صرفت صيدا ونعمان السّوريّ. فقد قبل كلاهما أنبياء، استقبلت الأرملة النّبيّ إيليّا واستقبل نعمان النّبيّ أليشاع. ولم يكن هذا استقبالاً سهلاً، بل لقد مرّ عبر الاختبارات، فقد استضافت الأرملة إيليّا رغم المجاعة ومع كون النّبيّ مضطهدًا (راجع ١ الملوك ١٧، ٧-١٦). أمّا نعمان ورغم كونه شخصًا من مستويات مرتفعة فقد قبل طلب النّبيّ أليشاع واغتسل سبع مرّات في النّهر (راجع ٢ الملوك ٥، ١-١٤). إنّ الأرملة ونعمان قد استقبلا من خلال الاستعداد والتّواضع اللّذين يمرّ عبرهما الإيمان. إنّ الأرملة ونعمان لم يرفضا دروب الله وأنبيائه بل تميّزا بالوداعة لا بالصّرامة والانغلاق.

إنّ يسوع قد سار على درب الأنبياء وقدّم نفسه بشكل لا ننتظره. إنّ يسوع لا يجده مَن يبحث عن معجزات أو عن انطباعات جديدة وإيمان يقوم على القوّة والعلامات الخارجيّة، بل يجده مَن يقبل طرقه وتحدّياته بدون شكوى أو شكوك أو انتقادات. يسوع، وبكلمات أخرى، يطلب منّا أن نستقبله في الواقع اليوميّ الّذي نعيشه، في كنيسة اليوم كما هي، فيمن هو قريب منّا كلّ يوم، في الواقع الملموس للمعوزين، في مشاكل عائلاتنا وآبائنا، أبنائنا وأجدادنا. فهناك نجده هو، مَن يدعونا إلى التّطهّر في نهر الاستعداد وفي الكثير من اغتسالات التّواضع الصّحّيّة.

هل نحن نستقبل أم أنّنا نشبه أبناء وطن يسوع الّذين يعتقدون أنّهم يعرفون كلّ شيء عن يسوع؟ إنّنا وبعد سنوات كثيرة من الإيمان قد نعتقد أنّنا نعرف الرّبّ جيّدًا بأفكارنا وأحكامنا.”  

وتحدّث البابا بالتّالي عن خطر الاعتياد على يسوع والانغلاق أمام جديده متجمّدين في مواقفنا، فـ”الرّبّ يطلب بالأحرى ذهنًا منفتحًا وقلبًا بسيطًا، فهذا ما يجعلنا نفاجأ ونندهش، فالرّبّ يفاجئنا دائمًا وهذا هو جمال لقاء يسوع.”

وإختتم فرنسيس متضرعًا “كي تكشف لنا العذراء، الّتي هي نموذج التّواضع والاستعداد، الطّريق لاستقبال يسوع.”

وعقب تلاوته صلاة التبّشير الملائكيّ ذكَّر البابا فرنسيس بكون 30 كانون الثّاني يناير اليوم العالميّ لمرضى الجذام، وأعرب عن قربه ممّن يعانون من هذا المرض راجيًا أن يتوفّر لهم الدّعم الرّوحيّ والعناية الصّحّيّة. وشدّد على ضرورة العمل معًا من أجل الدّمج الكامل لهؤلاء الأشخاص وتجاوز أيّة تفرقة مرتبطة بمرض لا يزال يصيب الكثيرين، وخاصة في الأطر الاجتماعيّة الأكثر ضعفًا.

كما ذكّر بالاحتفال في الأوّل من شباط/ فبراير في الشّرق الأقصى ومناطق أخرى من العالم ببداية السّنة القمريّة. وتمنّى أن يتمتّع الجميع في العام الجديد بالسّلام والصّحّة وحياة هادئة وآمنة، معربًا عن جمال لقاء العائلات في هذه المناسبة، مذكّرًا بأنّ عائلات كثيرة لا تتمكّن اليوم من هذا بسبب الجائحة، راجيًا أن نتخطّى اختبار الجائحة في أسرع وقت ممكن، وأن تنجح العائلة البشريّة بكاملها في بلوغ خير مادّيّ وروحيّ، وذلك بفضل الإرادة الطّيّبة للأشخاص والتّضامن بين الشّعوب.

من جهة ثانية، وعشيّة الاحتفال بعيد القدّيس دون بوسكو، حيّا الرّهبان والرّاهبات السّاليزيان الّذي يقدّمون خيرًا كبيرًا للكنيسة، وذكّر بأنّ “القدّيس جوفاني بوسكو، أب ومعلّم الشّباب، لم يكن منغلقًا على ذاته أو في الكنيسة، بل خرج إلى الطّرقات باحثًا عن الشّباب بما كان يميّزه من إبداع”.

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد للكاهن لوتشو بونورا حول البابا بيوس العاشر

البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد للكاهن لوتشو بونورا حول البابا بيوس العاشر – Vati…