البطريرك الماروني: الغفران هو أثمن عطايا الله لأن منه تولد المصالحة ويدخل السلام إلى القلوب
موقع الفاتيكان نيوز
ترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد التاسع والعشرين من آب أغسطس في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان وألقى عظة بعنوان “مغفورة لكِ خطاياكِ! إيمانكِ خلّصكِ! إذهبي بسلام” (لو 7: 50)، وقال: “ثلاث كلمات مترابطة ومتكاملة ظهرت في حادثة إنجيل اليوم: الإيمان والغفران والسلام. المؤمن يلتمس الغفران من الله، وينعم بسلام المصالحة“.
قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد إن “المرأة الخاطئة المعروفة في المدينة، أظهرت بمادرتها إيمانها النبويّ بيسوع الذي بمحبّته يغفر خطاياها؛ ومحبّتها العظمى له الظاهرة في أفعال تواضع وتوبة؛ وسلطان يسوع على مغفرة خطايا البشر. استحقّت المرأة الخاطئة غفران خطاياها بفضل إيمانها الذي عبّرت عنه بتكريم يسوع بأثمن ما تملك. فسكبت الطيب على قدميه، ونشّفتها بشعرها زينة جسدها، وذرفت عليها دموع التوبة فسمعت من فم الربّ: “مغفورة لكِ خطاياكِ! إيمانكِ خلّصكِ! اذهبي بسلام” (لو 7: 50). ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أشار غبطته إلى أن “الغفران هو أثمن عطايا الله، لأنّ منه تولد المصالحة، ويدخل السلام إلى القلوب. غفران خطايانا يأتي من الله، لكنّ إلهنا يريدنا أن نغفر نحن أيضًا بعضنا لبعض، لكي نضع حدًّا للعداوة والنزاعات والبغض، ويعمّ السلام في المجتمع. لبنان بحاجة إلى مصالحات، وعلى الأخصّ بين المسؤولين السياسيّين، وبينهم وبين الشعب، وبينهم وبين السياسة، هذا الفنّ الشريف لخدمة الخير العام”.
وأضاف “شعبنا ناقم على المسؤولين السياسيّين، بل على كلّ السياسيّين، لأنّهم مازالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة؛ وناقم عليهم لأنّهم يعطّلون المتوفّر من الحلول السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والتربويّة والمعيشيّة، ولا يريدون أن يتصالحوا مع شعبهم؛ وناقم عليهم لأنّهم يصمّون آذانهم عن سماع الذين، من أجل لبنان واللبنانيّين، ينصحون ويرجون التوقّف عن سياسة التدمير الذاتي، والإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيّة تكون بمستوى التحديات، حياديّة غير حزبيّة وغير فئويّة، تتألّف من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الارتياح والأمل بحكومة ناجحة. مقابل هذه الالتفاتة النبيلة من الدول الصديقة شرقًا وغربًا، بات من واجب قادة البلاد والأحزاب والحراك الشعبي، أن يتشاوروا في ما بينهم ويلتفّوا من أجل اتّخاذ القرارات الوطنيّة وتقرير الخطوات الضروريّة لدفع الدولة إلى تغيير أدائها قبل الانهيار الكبير الذي لن يوفِّر أحدًا. فلا يحقّ لهم أن ينتظروا التطورات من دون المساهمة في صناعتها”.
هذا وأشار البطريرك الراعي إلى أن “المداهمات التي قامت بها الأجهزة الأمنيّة أخيرًا على مستودعات المحروقات ومخازن الأدوية ومخابئ الأغذية، تكشف أنَّ الفساد ليس محصورًا في الطبقة السياسيّة، بل هو منتشر بكلّ أسف في المجتمع اللبناني. وإذ نشجِّع هذه الأجهزة على توسيع مداهماتها لتشمل جميع المحتكرين وحاجبي الحاجات الحياتيّة والصحيّة عن الناس، ندعوها أيضًا وبخاصّة إلى إغلاق المعابر الحدوديّة ومنع التهريب. فكلّ إجراء إداريٍّ يُتّخذ يبقى ناقص المفعول ما لم تُغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا. وندعو القضاء اللبناني إلى ملاحقة المحتكرين والمهرِّبين بعيدًا عن الضغوط السياسيّة والطائفيّة والمذهبيّة. فكلّ مسؤول سياسيٍّ أو ماليٍّ أو أمنيٍّ مهما علا شأنه يجب أن يُدان، حسب الأصول، في أي قضيّة باسم العدالة الشاملة”.
وتابع غبطته قائلا “ثمّ أين أصبح التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت؟ فمن حقّ أهالي الشهداء واللبنانيّين عمومًا أن يعرفوا تطورات التحقيق من دون الدخول في أسراره. وما هو مصير الاستدعاءات بحقّ نواب ووزراء ورؤساء أجهزة أمنيّة وعسكريّة، فلِم التأخير؟ ولِم تراكم الاستدعاءات من دون متابعتها وحسمها؟ وإذا كنا نحرص جميعًا على المقامات ونعرف حساسيّات البلاد، فهذا لا يلغي تَمسّكنا بجلاء الحقيقة بشأن قضيّة أسفرت عن تدمير المرفأ ونصف المدينة، وأوقعت أكثر من مائتي ضحيّة وإصابة أكثر من ستة ألاف مواطن ومواطنة بإعاقات وجروح. وإذ نحيي جميع القادة السياسيّين والروحيّين، ندعوهم جميعًا إلى تخطي هذه المرحلة ومنع أي إجراء يؤثر على وحدتنا الوطنية التي تعيش أيّامًا حرجة. نحن حريصون على احترام المقامات والمرجعيات، ولا يرتفع مقام بالمسِّ بمقام آخر. واجبنا أن نتكاتف ونوقف السجالات والاتهامات من أجل عبور الصعاب وإنقاذ لبنان. إن الأجواء المشحونة لا تحتمل مزيدًا من التشنج وفتح معارك جانبيّة. يدنا بيد الجميع من أجل خلاص لبنان”.
وقال البطريرك الراعي” نحن ضدَّ تسييسِ التحقيق وتطييفِه وتعطيله! نحن ضدَّ استثناء أحد من الاستجواب خصوصًا أن رئيس الجمهوريّة أعلن استعداده للمثول أمام قاضي التحقيق. نحن ضدَّ تحويل قاضي التحقيق متَّهمًا. نحن ضدَّ تصفية حسابات سياسيّة على حساب أهالي الضحايا والشهداء. لقد اعتبر العالم جريمة المرفأ أكبر انفجار منذ هيروشيما، ونحن ما زلنا نتساجل حول الحصانات. كل المرجعيّات، كلّ القيادات، كلّ الأحزاب، دون استثناء تحت القانون”.
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ” إذ نتفهّم دواعي التفكير بالهجرة الموقَّتة في ظلِّ الفقر والبطالة والضيقة المعيشيّة، فلبنان يدعونا بالمقابل إلى تضحيّات إضافيّة ليبقى ويصمد بوجوه جديدة من الحكّام والمسؤولين. إن الهجرة هي أخطر نَزْف يتعرّض له مجتمعنا. نحن في حالة حرب. والبقاء هو أساس الإنقاذ. فكلّما هاجر مواطن نخسر معركة، فلنَظَلّ معًا لنربح كلبنانيّين أجمعين الحرب التي تُشَنُّ على أمّتنا العظيمة”.
“إنّا في كلّ ذلك نتّكل على عناية الله الذي له كلّ مجد وشكران، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
“دقّوا أجراس!” ريسيتال ميلادي في بلدة بقرزلا العكارية
ريسيتال ميلادي مميز في بقرزلا العكارية: احتفالاً بميلاد الطفل يسوع شهدت بلدة بقرزلا العكار…