الكاردينال بارولين: الأولوية هي لإنقاذ الأشخاص ويجب إعادة النظر في سياسات الهجرة
شارك الكاردينال بييترو بارولين الاثنين في افتتاح لقاء تكويني بالقرب من روما محوره الاستقبال، وعقب قراءته رسالة من البابا فرنسيس تحدث عن أولوية إنقاذ الأشخاص وعما تُقدم الكنيسة من مبادئ.
تنظم جمعية Fraterna Domus من ٦ حتى ١٠ آذار مارس في ساكروفانو بالقرب من روما لقاءً تكوينيا محوره الاستقبال. وقد شارك في افتتاح هذه المبادرة الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان والذي قرأ في البداية رسالة من البابا فرنسيس موجهة إلى منظمي اللقاء والمشاركين فيه. وأعرب الأب الأقدس في البداية عن تثمينه لعمل المتطوعين الذين يشاركون في العناية بالمهاجرين، ثم نقلت الرسالة رجاء البابا أن يحفز هذا اللقاء التزاما متجددا من أجل روح الاستقبال والتضامن، وبالتالي تعزيز السلام والأخوّة بين الشعوب. وتابعت الرسالة أن الأب الأقدس يشجع على اعتبار وجود الكثير من الأخوة والأخوات فرصة للنمو الإنساني وللقاء والحوار بين الثقافات والأديان. ثم ختم البابا فرنسيس مستمطرا على الجميع حماية مريم العذراء ومنح المنظمين والمشاركين البركة الرسولية.
هذا وفي لقائه مع الصحفيين على هامش افتتاح هذه المبادرة تحدث الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن حادث غرق مركب المهاجرين بالقرب من سواحل كالابريا في جنوب إيطاليا، والذي تطرق إليه البابا فرنسيس الأحد الماضي عقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي، حيث قال قداسته: “أعبِّر الآن عن ألمي للمأساة التي حدثت في مياه كوترو، بالقرب من كروتوني. اُصلّي من أجل ضحايا غرق السفينة الكثيرين ومن أجل عائلاتهم وجميع الناجين. أعبِّر عن تقديري وامتناني للسكان المحليين وللمؤسسات على تضامنهم واستقبالهم تجاه هؤلاء الإخوة والأخوات، وأجدد ندائي للجميع لكي لا تتكرر المآسي المماثلة: ليتم إيقاف المتاجرين بالبشر، لكي لا يستمروا في التصرف بحياة الكثير من الأبرياء! ولا تتحولنَ رحلات الرجاء أبداً إلى رحلات موت! ولا تُلطِّخنَّ هذه الحوادث المأساوية بالدماء بعد الآن مياه البحر الأبيض المتوسط الصافية! ليمنحنا الرب القوة لكي نفهم ونبكي”.
وفي حديثه قال الكاردينال بارولين إن هذه المأساة التي أثارت مشاعر الجميع تشكل دعوة إلى إعادة النظر في سياسات الاستقبال. وتابع معربا عن قناعته بأنه قد تم من قِبل الكنيسة تقديم سلسلة من المبادئ والتوجيهات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من أجل إعادة التفكير في هذه السياسات. وواصل أمين السر مشيرا إلى أن الشيء الأهم لتفادي مجازر جديدة للمهاجرين خلال رحلات الرجاء هو تنظيم تدفق الهجرة، وذلك كي تكون الهجرة آمنة. وأكد من جهة أخرى أنه وأمام هذه الظاهرة يجب ان تكون هناك مواقف إيجابية قبل كل شيء، بينما مع الأسف ما يهيمن علينا هو الخوف. وأضاف الكاردينال بارولين أننا في حاجة إلى استقبال يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع التي يأتي منها هؤلاء الأشخاص وأوضاعنا نحن. ثم عاد أمين السر إلى كلمة البابا فرنسيس الأحد الماضي ودعوته إلى إيقاف المتاجرين بالبشر، فأكد من جانبه أيضا إدانة مَن يكسب من هذه الظاهرة بدون أي رادع. وواصل مكررا أن المبدأ الأساسي بالنسبة للكرسي الرسولي هو إنقاذ الأشخاص وعدم ترك الحياة البشرية تتدمر مثلما حدث على شاطئ كروتوني.
عاد الكاردينال بارولين إلى هذه المأساة التي وقعت في ٢٦ شباط فبراير خلال مداخلته أيضا مفتتحا اللقاء فوصفها بتحذير إلى ضمائرنا لا يمكنه أن يجعلنا غير مبالين أو مشلولين بسبب الخوف. وشدد في كلمته على أن الخوف تحديدا هو عدو الاستقبال وذلك لأنه يؤدي إلى التأثير على الاختيارات السياسية للحكومة وللمؤسسات. وتابع راجيا أن تساهم هذه المبادرة التكوينية في إسقاط مشاعر الخوف، وذلك من خلال تسليط الضوء على المخاطر الكبيرة الناتجة عن عدم تجاوز الخوف، وأيضا على التزام جديد ومسؤولية جديدة في البحث عن طرق ملموسة للتعامل مع الواقع. وواصل أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان معربا عن الرجاء في أن تُفعِّل هذه المبادرة آليات إعلام وتكوين بإمكانها أن تسفر عن توجهات جديدة في الرأي العام. ويرى الكاردينال بارولين أن هذه المبادرة يمكنها أن تساهم في تأسيس مسيرات تكوينية بإمكانها أن تجيب على الحاجة الملحة إلى العناية والاهتمام بالآخر، وذلك من خلال اعتبار الإيمان والصلاة حقل عمل بامتياز. وواصل أمين السر أن الاستقبال لا يمكن تعليمه في الصفوف الدراسية، إلا أنه من المفيد أن يتمكن البحث العلمي من منح معنى لأن نكون قادرين على الاستقبال. وأضاف أن ما وصفها بالمغامرة الثقافية والأكاديمية الجديدة عليها أن تساهم في إضافة البعد المستنير للعقل إلى نشاط وتصرف يقومان على التضامن وينطلقان من القلب، من الإيمان ومشاعر الأخوّة على المستوى العالمي. وأكد أمين السر أن هذه الأخوّة هي الأساس العميق للاستقبال والذي هو اليوم ضروري أكثر من أي وقت مضى من أجل بناء عالم يسوده السلام، عالم يتم فيه ضمان الحق في حياة حرة وكريمة لكل كائن بشري، وبشكل خاص حين يكون من غير الممكن أن يحصل الشخص على هذا في بلده أو في حال تعرضه إلى الاضطهاد.
وفي ختام كلمته خلال افتتاح لقاء تكويني محوره الاستقبال، تنظمه جمعية Fraterna Domus من ٦ حتى ١٠ آذار مارس في ساكروفانو بالقرب من روما، توقف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عند نقطة هامة أخرى، ألا وهي أن تقاسُم الخيور والموارد يمكنه بالتأكيد أن يعزز الاستقبال من قِبل الشعوب التي تعيش فيما يُطلَق عليه اسم العالم المتقدم. كما وشدد من جهة أخرى على أن العناية بكل كائن بشري ستساهم بدورها في الحوار المنشود بين الشعوب والذي هناك حاجة كبيرة إليه اليوم.
هذا وتجدر الإشارة إلى إجراء إذاعة الفاتيكان على هامش الافتتاح مقابلة مع البروفيسور ماوريتسيو أمبروسيني أستاذ علم اجتماع الهجرة في جامعة ميلانو الذي يشارك في هذه المبادرة بمداخلة بعنوان “الاستقبال يبدأ بالنظرة”. وقال حول هذا الاختيار إن كيفية تعاملنا مع المهاجرين يعتمد بشكل كبير على كيفية رؤيتنا لهم. وتحدث في هذا السياق عن أن مواطني شمال العالم يتحركون بدون قيود ولا يُنظر إليهم كمهاجرين، ما ينطبق أيضا على النخبة من الدول النامية، وأشار على سبيل المثال إلى لاعبي كرة القدم فلا أحد يسميهم مهاجرين. وأعطى هنا مثلا آخر اللاجئين الأوكرانيين حيث اعتبرناهم أشخاصا يستحقون الحصول على الحماية بسبب غزو بلدهم، بينما نتحدث عن مهاجرين في حال الأشخاص الفقراء. وهكذا فإن وصفهم بالمهاجرين في حد ذاته يعكس نوعا من المسافة وعدم الثقة.
الخميس من أسبوع البيان ليوسف
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 11 : 25 – 36 يا إخوَتِي، لا أُرِيدُ، أَيُّهَا الإِخْ…