إطفاء نار الحرب وإضاءة شمعة السلام
العنوان أعلاه، هو موضوع رسالة حاضرة الفاتيكان، بمناسبة قدوم رمضان، وهو الامر الذي أصبح تقليديا، منذ عدة سنوات، حيث تصدر رسالة تهنئة سنوية، عن دائرة الحوار بين الأديان في الفاتيكان، إلى جميع المسلمين في العالم، بمناسبة شهر رمضان المبارك، وقد حملت هذا العام عنوان: «المسيحيون والمسلمون: إطفاء نار الحرب وإضاءة شمعة السلام»، حيث دعت إلى أن نتشارك، مسيحيين ومسلمين، في «إطفاء نيران الكراهية والعنف والحرب، ونضيء بدلا من ذلك شمعة السلام اللطيفة، مستعينين بموارد السلام الموجودة في تقاليدنا الإنسانية والدينية الغنية». والفرق بلا شك شاسع بين نار الحرب وشعلة شمعة السلام.
وأشارت الرسالة الموقعة من الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو، رئيس دائرة الحوار، في استهلالها، إلى العدد المتزايد من الصراعات في هذه الأيام حول العالم، التي أصبحت مثيرة للقلق. وبدون أن تسمي مواقع الحرب الحالية، لكن المتتبع لخطابات البابا فرنسيس، يدرك بانّ الفاتيكان يتكلم عن حربين بشعتين في هذه الايام، اوكرانيا وغزة. وكلمن الشعبين يتألمان للحصول على حقوقهم في العيش بالسلام والتحرّر والاستقلال.
وأضافت أنه وبالرغم من أن جزءا من عائلتنا البشرية يعاني بشدة من الآثار المدمرة لاستخدام الأسلحة في الحروب، فإنّ آخرين، غير مكترثين، يبتهجون بالأرباح الاقتصادية الكبيرة الناتجة عن هذه التجارة غير الأخلاقية. وقد وصف قداسة البابا فرنسيس هذا الأمر بأنه مثل «غمس لقمة خبز في دم أخينا الانسان».
وأشارت الرسالة إلى الجانب المضيء، وهو الموارد البشرية والدينية الهائلة التي تعزّز السلام، فالرغبة في السلام والأمن متجذرة بعمق، في نفس كل شخص ذي نية طيبة، إذ لا يمكن لأحد أن يعجز عن رؤية الآثار المأساوية للحرب في فقدان الأرواح البشرية، والإصابات الخطيرة، وحشود الأيتام والأرامل.
ولفتت إلى النتائج المأساوية للحروب من تدمير للبنى التحتية والممتلكات، ونزوح مئات الآلاف من الأشخاص داخل بلدانهم، أو اضطرارهم للفرار إلى بلدان أخرى كلاجئين. «بالتالي، فإن إدانة الحرب ونبذها يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها: فكل حرب هي حرب بين الأشقاء، عديمة الفائدة، لا معنى لها ومظلمة. في الحرب الكل خاسر. ومرة أخرى، على حد تعبير البابا فرنسيس: «لا توجد حرب مقدسة، السلام وحده مقدس». وهذا ما كان يشدد عليه البابا يوحنا بولس الثاني، حين وقف قبل واحد وعشرين عاما، في وجه الحرب الامريكية على العراق، وقال: «في الحرب لا خاسر ولا رابح، بل الكل خاسر». لكنّ العالم لم يصغ اليه في ذلك الحين، مع كل أسف.
وأكدت الرسالة الحبرية السنوية، التي تصدر سنويا في الجمعة الأولى من رمضان، على أن جميع الأديان، وكل منها على طريقته، تعد حياة الإنسان مقدسة، بالتالي هي دعوة متجددة لاحترام الكرامة الأساسية لهبة الحياة بضرورة رفض الحرب وتقدير السلام. وسطرت الرسالة الفاتيكانية أهمية تنشئة الضمائر على احترام القيمة المطلقة لحياة كل إنسان، وحقه في السلامة الجسدية والأمن والحياة الكريمة، التي من شأنها المساهمة أيضا في إدانة الحرب ورفضها.
وختمت رسالة دائرة الحوار بين الأديان الفاتيكانية بالتأكيد على «أننا ننظر إلى الله القدير كإله السلام، ينبوع السلام، الذي يحب كل من يكرسون أنفسهم لخدمة السلام. والسلام، مثل قيم كثيرة، هو عطية إلهية، ولكنه في الوقت عينه ثمرة جهود بشرية، وخاصة من خلال تهيئة الظروف اللازمة لإرسائه وحفظه».
ختاماً، لقد قدم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام هذه الرسالة، كعادته في كل عام، لمختلف وسائل الإعلام. واننا ننتهزها مناسبة، لتقديم التهنئة بحلول شهر رمضان الفضيل، رافعين الدعاء إلى الله تعالى، أن يحفظ الأسرة الأردنية الواحدة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وأن يعيد هذا الشهر الفضيل وقد تحققت الأمنيات بأن يعم السلام والطمأنينة على قطاع غزة المنكوب، وفلسطين عموما، ولجميع سائر بلدان العالم التي تطمح للعدل والحرية والسلام.
الخميس من أسبوع البيان ليوسف
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 11 : 25 – 36 يا إخوَتِي، لا أُرِيدُ، أَيُّهَا الإِخْ…